• السعوديون يتخلصون من تسهيلات الأسهم وبوصلة الاقتراض تتجه للعقار

    14/05/2011

    مختصون يحذرون من عودة مخاطر القروض الاقتصادية والاجتماعية في المملكة عقب بدء الدورة التمويلية الجديدةالسعوديون يتخلصون من تسهيلات الأسهم.. وبوصلة الاقتراض تتجه للعقار

     

    كارثة «فبراير» للأسهم ظلت ملازمة لذاكرة السعوديين طوال الأعوام الماضية وذلك بالنظر إلى حجم الأموال التي خسروها إبان هبوط المؤشر والتزامهم أمام البنوك بمبالغ طائلة أثرت في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية. تصوير: خالد

     
     
    تخلص السعوديون بمرور خمسة أعوام من كارثة ''فبراير 2006'' من معظم التسهيلات البنكية التي اقترضوها للتداول في سوق الأسهم، حيث إن عام 2011 يعد الموعد الزمني النظامي لانتهاء استحقاق تلك القروض، فيما كشفت لـ ''الاقتصادية'' مصادر مصرفية عن أن البنوك تتحصل على نحو عشرة مليارات ريال شهرياً منذ بداية العام الجاري، متوقعة أن يتم الانتهاء من كامل تلك المبالغ المترتبة على القروض نهاية العام الجاري.
    وبحلول العام الجاري فإن السعوديين قد رجعت بهم الذاكرة إلى قضية الأسهم وما صاحبها من انهيار سبب لهم عدد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، بالنظر إلى أن هذا العام يعني مرور خمسة أعوام على اقتراض المواطنين (من 2006 إلى 2011)، وقرب تحصيل كامل تلك القروض، وبالتالي نشوء دورة تمويلية جديدة قد يكون للعقار فيها النصيب الأكبر وذلك بحسب مراقبين.
    ورجح اقتصاديون عدم عودة المستوى السابق لقروض الأسهم، وذلك تبعاً للتجربة المريرة التي مر بها المتداولون في الأعوام الماضية، مشيرين إلى إمكانية اتجاه التمويل نحو السوق العقارية.
    ''كارثة فبراير'' أو ''فبراير الأسود'' كما يسميها البعض كانت العلامة البارزة في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي السعودي، والتي من خلالها دارت أحاديث المجالس المحلية عن الأضرار التي لحقت بهم في سوق الأسهم، والتي لم يسلم منها الكبير والصغير، وحتى النساء اللاتي اتجه البعض منهن إلى بيع ما لديها من ذهب من أجل الدخول إلى السوق لتحقيق أحلام العمر والتي سقطت بسقوط مؤشر الأسهم.
    ولفت اقتصاديون إلى أن البنوك سيكون لها القدرة على التمويل خلال الفترة المقبلة بالنظر إلى تسلمها لمستحقات تمويل القروض التي سيلتها الأعوام الماضية، في الوقت الذي رجح فيه البعض اتباع البعض من المقترضين لنهج إعادة التمويل للقرض الأساسي ممن لم يتمكنوا من سداد كامل المبلغ، وتفضيلهم الحصول على مبلغ نقدي، وبالتالي دخولهم من جديد في ''دهاليز'' القروض.
    وحذر المختصون من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنشأ جراء القروض الشخصية، مؤكدين أن تبعاتها قد تؤثر في مستوى معيشة الفرد، وقد تلحق الأضرار الجسيمة بالأسرة، في حال لم يكن هناك دراسة ووعي من قبل المقترض بالآثار السلبية التي قد تنشأ جراء استحقاق التمويل دون حساب العواقب.
    من جهته، اعتبر اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه، أن معظم القروض التي تم استحقاقها للضخ في سوق الأسهم كان تسديدها يمتد على مدى خمسة أعوام، مشيراً إلى أن تحصيل البنوك لمعظم تمويلات القروض في الأعوام الماضية يمهد إلى إمكانية استحقاق قروض أخرى بعد التخلص من معاناة القروض السابقة.
    لكن الاقتصادي أشار إلى أن المجتمع لم يع حتى الآن خطورة الاقتراض دون وضع الترتيبات المناسبة، مؤكداً أن المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت خلال الأعوام الماضية تشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن المجتمع وقع ضحية جهله بتلك المخاطر، والسعي وراء المال بأي طريقة كانت.
    وأضاف: ''هناك توجه قوي للتمويل العقاري، وهذا سيأخذ مساحة كبيرة الاستحقاق النقدي خلال الفترة المقبلة وسيكون على حساب التمويل الاستهلاكي، والنمو الذي حدث في القروض سابقاً كان طبيعياً، مقارنة بحجم السكان ومتطلباتهم، لكن النقطة الأهم هي أن أنظمة التمويل العقاري كان أحد أبرز أسباب المشاكل التي من خلالها اتجهت السيولة إلى اتجاهات أخرى، وأشبعت بطرق مختلفة''.
    وتابع الاقتصادي: ''مبدأ قروض الأسهم كان سلبيا وفاشلا، والفكر الجديد القادم في القروض سيكون معتمداً على مدى استفادة العملاء من التجربة السابقة''.
    من جانبه، قال الدكتور عبد الرحمن السلطان أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والكاتب الاقتصادي، إن جزءا كبيرا من الأفراد لا يستطيع التخلص من القروض، بالنظر إلى لجوئهم إلى مبدأ إعادة التمويل الأساسي، مبيناً أن السعي وراء ذلك يتم بسبب أن الفرد عاجز عن تسديد المتبقي من القرض، أو الاستفادة من المبلغ النقدي بسبب ظروفه المعيشية، وبالتالي قد يمر بمرحلة طويلة للتسديد على حد قوله.
    ورجح السلطان احتمالية اتجاه عدد من المقترضين إلى السوق العقارية، مستدركاً: ''قد يحد من ذلك تضخم أسعار العقار، والرؤية لا تزال غير واضحة بشكل تام''.
    وحذر أستاذ الاقتصاد من الآثار الاجتماعية السلبية التي قد تلحق بالمقترضين جراء تكبدهم أعباء مالية إضافية دون التخطيط المسبق لها، لافتاً إلى أن سوق الأسهم أغرت الكثيرين في أعوام مضت، وترتبت عليهم مبالغ طائلة نتج عنها كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
    وأضاف: ''كلما كان هناك توسع في الإقراض كانت هناك مخاطر كبيرة على الأفراد، ولكن للأسف فإن مستوى الوعي في المجتمع السعودي بهذه المخاطر متدن جداً، لأن جزءا من الذين سددوا التزاماتهم بعد مضي خمسة أعوام قد يلجأون للاقتراض بداعي السفر!''.
    وهنا استعبد الدكتور حمد آل الشيخ وكيل جامعة الملك سعود للجودة والتطوير، أن يعود مستوى الإقراض بالنسبة للأسهم بالزخم السابق نفسه الذي كان عليه، مؤكداً أن المجتمع مر بتجربة مريرة خلال عام 2006 هبط معها مؤشر الأسهم إلى مستويات قياسية مقارنة بالفترة نفسها، وأن ذلك تسبب في استحواذ البنوك على محافظ المستثمرين في السوق، وتسييل ما لديهم.
    ولفت آل الشيخ إلى أنه بنهاية 2010 بدأ مستوى الإقراض في العودة تدريجياً لوضعه السابق، وأن هناك عددا من المتداولين عمدوا على الدخول بسيولة ذاتية أو عن طريق البنوك لضخها في الأسهم، ولكن الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية تسببت في تراجع السوق وضعف الثقة على حد قوله.
    واعتبر آل الشيخ أن تغير أنظمة التمويل في المملكة، والحوكمة التي تمت في المؤسسات المالية ساعد على تغيير ظروف التمويل في المرحلة الحالية، مضيفاً: ''أعتقد أن البعض قد يتجه إلى السوق العقارية، بالنظر إلى وجود نهضة عقارية في المملكة مع وجود محفزات، لكن قد تكون هناك عودة قوية من قبلهم لسوق الأسهم''.
    وشدد آل الشيخ على أن أخذ القروض دون وجود حسابات مسبقة قد يعرض المقترض لمخاطر كبيرة، مطالباً بضرورة وعي المجتمع بشكل كبير بهذا الشأن، وعدم الدخول في القروض إلا بعد حساب المخاطر والجدوى من ذلك.
    ورأى وكيل جامعة الملك سعود للجودة والتطوير أن سوق الأسهم مقبلة على طفرة كبيرة، بدعم من ارتفاع أسعار النفط، وزيادة ربحية القطاع المصرفي، وقوة المناخ الاقتصادي والاستثماري في المملكة، مشيراً إلى أن المرحلة القريبة المقبلة ستحدد مسار السوق في حال لم تكن هناك أي أحداث مؤثرة.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية